في سوق عقاري مصري يموج بالمتغيرات والمنافسة الشرسة، لم يعد التسويق مجرد إعلانات براقة أو حملات ضخمة، بل تحول إلى علم دقيق يتطلب معرفة عميقة وشراكة استراتيجية. من قلب هذا الواقع، تبرز وكالة “Savoir” المتخصصة، ليس كلاعب جديد فقط، بل كحامل لرؤية تسعى لتغيير قواعد اللعبة، والانتقال بالقطاع من عصر “فرقعة المبيعات” المؤقتة إلى صناعة “الثروات المستدامة”.
في حوار خاص لـ”عقارك نيوز”، تكشف خلود سباق، المؤسس والرؤية وراء “Savoir”، عن فلسفة الوكالة وكيفية بناء استراتيجيات ناجحة في سوق متقلب.
فجوة في السوق.. ومعرفة كانت الحل
لم تأتِ ولادة “Savoir” من فراغ، بل من خبرة طويلة ومراقبة دقيقة للسوق. تشرح خلود سباق: “خلال عملي في إدارة استراتيجيات التسويق لكبرى الشركات، لاحظت فجوة حرجة بين الحملات التسويقية الجذابة وبين قدرتها على تحقيق مبيعات حقيقية. الكثير من الجهد يُبذل في الإبداع البصري دون ربطه بنتائج قابلة للقياس”. من هنا جاءت “Savoir”، التي يعني اسمها بالفرنسية “المعرفة”، لتكون الجسر الذي يربط بين الإبداع والتخطيط الاستراتيجي. فالمعرفة التي تقدمها، كما تقول، “ليست مجرد أرقام، بل فهم نفسي وسلوكي عميق للمشتري المصري، وهو ما يسمح لنا ببناء رسائل تسويقية تخاطبه بفعالية”.
من البيع السريع إلى صناعة الثروة المستدامة
تتحدى “Savoir” المفهوم السائد للنجاح المبني على تحقيق أرقام بيع ضخمة في فترة قصيرة. وتوضح سباق: “دورنا لا ينتهي عند إطلاق الحملة. الاستدامة تعني بناء نظام يضمن تدفق مبيعات صحي على المدى الطويل”. وتضيف أن هذا لا يتحقق إلا عبر تقديم توصيات للمطورين لتحسين تجربة العملاء وخدمات ما بعد البيع، مؤكدةً أن “العميل الراضي هو أفضل أداة تسويقية لأي مشروع، وهو أساس بناء سمعة قوية تتحول إلى ثروة حقيقية للمطور”.
ولتحقيق هذه الرؤية، تعتمد الوكالة على فريق من الشباب المبدعين، لكنها تضع هذا الإبداع في إطار استراتيجي. “أؤمن أن الإبداع هو المحرك الأساسي، لكن لا قيمة له دون خبرة توجهه. لذا نحرص على دمج طاقة فريقنا الإبداعية مع خبرتنا في السوق لضمان أن الأفكار المبتكرة تخدم الأهداف الاستراتيجية للمطور”.
شريك استراتيجي.. وليس مجرد وكالة خارجية
في سوق يمتلك فيه كبار المطورين فرق تسويق داخلية ضخمة، تضع “Savoir” نفسها كشريك مكمل. “نحن لا نأتي كبديل للفريق الداخلي، بل كشريك يقدم منظورًا خارجيًا محايدًا، وابتكارًا مستمرًا، ورؤية أوسع لاتجاهات السوق والمنافسين، وهي قيمة مضافة لا تقدر بثمن لأي فريق داخلي يسعى للتميز”، تقول سباق. وتدلل على نجاح هذا النهج بشراكاتها مع شركات تطوير مرموقة مثل Inter Build Development في مشاريع متنوعة، مما يمنحها رؤية واسعة وشاملة.
وتؤكد أن العميل المثالي ليس بالضرورة المطور الأكبر حجمًا، بل “من يبحث عن شريك استراتيجي حقيقي ويمتلك رؤية واضحة واستعدادًا للاستثمار في خطط طويلة المدى”.
قراءة المستقبل: الأسعار والمنتج والتحديات
تقدم سباق رؤية واضحة لمستقبل السوق، متوقعةً استمرار المسار التصاعدي للأسعار بنسبة تتراوح بين 15% و25%، مدفوعًا بزيادة تكاليف البناء ومتغيرات الاقتصاد الكلي. لكنها تشير إلى أن دورهم كخبراء لا يقتصر على التسويق فحسب، بل يمتد لتقديم استشارات للمطورين حول المنتج نفسه. “لا يمكن تسويق منتج لا يريده السوق. لذلك، نقدم توصيات للمطورين حول التوجه نحو الوحدات الأصغر حجمًا أو زيادة الاهتمام بالمشاريع الساحلية، لمواكبة تغيرات الطلب”.
وتلخص التحدي الأكبر الذي يواجه أي وكالة ناشئة في “كسب ثقة المطورين والتكيف السريع مع المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة”، وهو ما تخطط “Savoir” لتجاوزه عبر الحفاظ على تخصصها، مع طموح بأن تصبح المرجع الأول للتسويق العقاري في المنطقة خلال خمس سنوات.
وتختتم خلود سباق حوارها مع “عقارك نيوز” برسالة مباشرة لكل مطور عقاري: “انظر إلى استراتيجيتك التسويقية على أنها استثمار في أصول شركتك، وليست مجرد بند في قائمة التكاليف. النجاح في هذا السوق لم يعد لمن يصرخ بصوت أعلى، بل لمن يفهم أعمق ويبني بثقة”.